مركز كتبنا الثقافي

مملكة الغرباء

مملكة الغرباء

أترك الأشياء تأتي. أقول إنَّني أروي الحكاية كما هي, وكنت أريد أن أضيف: دون زيادة أو نقصان, لكنَّني عدلت عن ذلك. فوداد الشَّركسية التي ماتت منذ عشر سنوات تشبه هذه الدمية المكسورة التي أراها الآن على شرفة مكتب القوميسيون لصاحبه جورج نفَّاع. مسكين جورج نفَّاع. أقول مسكين لأنَّه مات. أحزن عليه دون أن يكون لذلك علاقة بالشَّاعر فؤاد غبريال نفَّاع الذي مات هو أيضا, ولكنَّه بقي في ذاكرتي كأنَّه تمثال. يمشي في طرقات (الأشرفيّة) التي اسمها أيضا (الجبل الصغير), يحوم حول بيت جوليا قرب مقرّ الصليب الأحمر, وفي جيب سترته أوراقٌ مجعلكةٌ هي ديوانه الجديد. يدخِّن (البافرا) ولا يردّ السَّلام على أحد. مسكين فؤاد غبريال نفَّاع, هو أيضاً مات. هكذا يبرِّر الأحياء خياناتهم للموتى ببعض الكلمات العاطفيّة التي لا معنى لها. نحن نخون الموتى بشكلٍ دائم, الكتابة عنهم هي ذروة خيانتهم. لكن هذا ليس صحيحا. مجرَّد استمرارنا في الحياة, رغم كلّ هذا الموت, هو خيانة. ولذلك نلجأ إلى الذكريات كي لا نخون, ولكن في النهاية ماذا نذكر? لا نذكر سوى أنفسنا

إلياس خوري قاص وروائي وناقد وكاتب مسرحي ومفكر شعبي لبناني، ولد في بيروت. كتب العديد من الروايات التي ترجمت إلى العديد من اللغات وثلاث مسرحيات وسيناريوهات، وله العديد من الكتابات النقدية. عمل في تحرير عدة صحف لبنانية، وشغل منصب رئيس تحرير الملحق الثقافي الأسبوعي لصحيفة النهار اللبنانية اليومية. كما قام بالتدريس في جامعات مهمة في الولايات المتحدة وفي الدول العربية والأوروبية،  وكان أستاذ زائر للأدب العربي الحديث والأدب المقارن في جامعة نيويورك في 2006

Location: Lower level M-5

View full details